تجربة عائلة سورية المانية في العودة إلى سوريا بعد التحرير

فيما يلي نقدم قصة لاجئ سوري قرر العودة إلى سوريا بعد الحصول على الجنسية الألمانية بسبب صعوبات العمل والصحة والحنين للوطن بعد التحرير.

تعريف عن العائلة قبل العودة إلى سوريا

نحن عيلة مكوّنة من شخصين، أنا وزوجتي، وما عنا ولاد. أنا بحمل الجنسية الألمانية. اجيت لألمانيا بأواخر 2014، بس مؤخراً قررنا نرجع على سوريا بعد ما تحررت سوريا ، وكان في إلنا حنين للبلد والأهل والحياة اللي كنا عايشينها قبل.

لما وصلت على ألمانيا، كنت بالكامب وبلشت فوراً بتعلّم اللغة. قدمت فحص تحديد المستوى وطلعت B1، أخدته بسرعة، وبعدها كملت على B2 كمان بشكل سريع. بعد ما أخدت الإقامة، اشتغلت على تعديل شهادتي لأني دارس كهرباء بالمعهد الصناعي بسوريا. وفعلاً عرّفت شهادتي، وقدرت لاقي شغل بشركة كهرباء بمدينة دوسلدورف.

تقريبا بعام 2016 كنت بالأصل مخطط استقر وأبني حياة، وأهلي كانوا لاقيينلي بنت الحلال. تزوجنا بدايةً على الورق حتى نقدر نبلّش لم شمل، وكانت زوجتي واهلا باللبنان. اشتغلت على أوراقها، وبعد فترة الحمد لله قدرت جيبها لعندي على ألمانيا.

ازمة كورونا وتأثيرها عن العمل

الأمور كانت منيحة لبين ما صارت أزمة كورونا، وهنيك تغيّر كل شي. بسبب اللوك داون وقلة عمليات الصيانة، الشغل صار كتير خفيف، والشركة ما عاد عندها صفقات كبيرة مثل قبل. هالشي أثر كتير على عدد الموظفين اللي بحاجة إلهم. وصار في ضغط على الإدارة لتقليص عدد العمال، وأنا كنت من بين الناس يلي تم تسريحهم بهالفترة، وانقطع رزقي فجأة.

بعدها حاولت أرجع أشتغل، وقدّمت على شغل بنفس مجالي ككهربائي، بس الشغل ما كان متل قبل الأزمة. كنت مضطر أتحمل واشتغل لأنه كنت مقدم على الجنسية، وما بدي أي شي يأثر على ملفي. فعلاً، بالـ2023 أخدت الجنسية الألمانية انا وزوجتي، بس الشغل كان كتير صعب. شغل ميداني وورشات خارجية، وصار عندي مشاكل صحية من الضغط والتعب.

ما كنت مرتاح لا مع الشغل ولا مع الفريق. وصار في بيني وبين المدير مشاكل بسبب المرضيات الكتيرة يلي كنت عم قدّمها لأني ما كنت عم أقدر أتحمل، لا جسديًا ولا نفسيًا. فقررت أترك الشغل ورجعت لوكالة العمل (الأغينتور) قبل كم شهر من تحرير سوريا.

الأسباب اللي كانت إلها تأثير بالعودة إلى سوريا

من الأسباب الأساسية اللي خلتني فكّر بالرجعة، إنو أهلي كبار بالعمر، أمي وأبي عايشين لحالن، وأخي مسافر، وأختي متزوجة. يعني ما ضل حدا حواليهم يساعدهم بالحياة اليومية. وكانوا دايمًا يقنعوني إني إرجع خاصة بعد ما تحررت البلد وما عاد عليي شي يخوف أو يمنع. فوق هاد، والد مرتي ووالدتها رجعو للشام، وهي متعلقة فيهم كتير. وصرلنا فترة ما نرزقنا بأولاد، فحاسّين بفراغ أكبر بوجودنا هون بعيد عن الكل.

من ناحية الشغل، الوضع بألمانيا ما كان مستقر. ما عندي عمل ثابت، وكل ما قدّمت على شغل يا بيكون تعبان أو مو بنفس المجال تبعي. زاد الضغط عليي خاصة بعد ما صار في تضييق من الجهات المعنية، كل فترة بدهم يعرفوا أنا ليش ماعم اشتغل مو باختصاصي، كأني عم أشتغل شي غلط:

بينما بسوريا، والدي عنده ورشة مأجرة والوضع مستور عنها ممتلكات مأجرينها، بس هو كبر بالعمر ولازم حدا يكون معه. وأنا بإيدي مصلحة، ومعي خبرة بالكهربا وشتغلت بشركات اوروبية، ففكرة إني أرجع وأشتغل بورشته الحل الوحيد يلي كان عم يدور براسي.

بالتالي بكون أنا صاحب الشغل، مو شغيل عند غيري متل المانيا. وبرأيي الشخصي، الواحد ببلده لو اشتغل لحاله وعنده مهارة، بيقدر يفتح باب رزق محترم. خاصة بهيك وقت عم ترجع تتحسن فيه الأوضاع شوي شوي.

شو لازم تعمل قبل ما تترك ألمانيا

قبل ما الواحد يترك ألمانيا، في شغلات كتير لازم يخلصها حتى ما يضل عليه شي معلق. أول شغلة هي تسجيل الخروج من البلد (Abmeldung)، لازم تعملها عند مكتب البلدية. وهاد ضروري لحتى توقف التأمين الصحي وتسكر الحسابات المرتبطة بإقامتك هون. كمان إذا كنت ساكن بإيجار، لازم تسلّم البيت بشكل رسمي وتعمل تسليم مفاتيح، ويفضّل تصور كل شي لتوثيق الحالة.

في حسابات لازم تتسكر أو تتوقف مثل التأمين الصحي، التأمين الخاص إذا كان عندك. اشتراكات الموبايل، الإنترنت، أو أي خدمات تانية مرتبطة بعنوانك بألمانيا.

المهم كمان، إنك تترك عنوان خارجي صحيح (يعني عنوانك ببلدك أو أي مكان تاني رايح عليه) حتى يوصلك البريد أو الوثائق المهمة بعد سفرك. وفي حال ما عندك عنوان خارجي واضح أو إذا حابب تضمن وصول البريد بأمان، فيك تترك عنوان بديل داخل ألمانيا. أنا مثلاً، أخي عايش بألمانيا، فثبتّ عنوانه كمكان بديل لحتى توصل كل الرسائل والمستندات المهمة لعنده إذا احتجتها بعد السفر.

إقرأ المزيد عن العودة الطوعية من ألمانيا إلى سوريا: المبالغ المدفوعة والخدمات

بعد العودة إلى سوريا

رجعت على سوريا في رمضان، والسكن متوفر عند أهلي. مع هيك، بعد رجوعي بدأت بترتيب الورشة وتجهيزها لفتح مصلحتي. بلشت عملية تأهيل وتجديد الورشة بحيث تكون جاهزة للعمل. مع إني عم أواجه تحديات كبيرة. الوضع حتى الآن مش مستقر. والاختلافات بين العمل في ألمانيا والشغل بسوريا واضح. بسوريا، الشغل ماله بروفيشنال متل ما كنت متعود بألمانيا، وكل شيء لسه بحاجة لوقت ليتحسن.

إحدى الصعوبات هي إنو هون في ألمانيا بتشتغل ضمن خطة واضحة ومدروسة. لكن بسوريا الوضع مختلف، فيك تستلم مشروع وتجيب الورشات والأشخاص اللازمين غير هيك بتلاقي شبكة كهربا فايت ببعضها والاعطال كتيرة وما متعود اشتغل ضمن المولدات وهالقصص، بيعني مافي تنظيم وتخطيط ولازم تتعود على هالشي يعني صاحب الشغل بدو شغلو يخلص كيف وشلون ما بيهمه. لكن مع كل هالتحديات، عندي أمل إنو الوضع يتحسن مع الوقت. وفيني أبدأ في إعمار البلد بركي بس تفوت شركات وتبلش العالم بإعادة اعمار وإيجاد فرص شغل جديدة.

فتح افاق جديدة

بما إني عندي خبرة مو بس بالكهرباء. كمان عندي خبرة بتركيب أنظمة الحماية مثل كاميرات المراقبة وأجهزة الإنذار والطاقة الشمسية. قررت أوسّع شغلي بهالمجال كمان. هالشي حالياً عليه طلب كبير بسوريا، خاصة بعد ما صارت الناس تهتم أكتر بالأمان والحماية. دخلت بهالمجال وبلّشت آخذ شغل شوي شوي، صحيح لسه الأمور ببدايتها ومو ثابتة، بس الشغل عم يمشي تدريجياً. وأنا متفائل إنه هالمجال رح يفتحلي باب رزق جيد، خصوصي إنه عندي خبرة حديثة وأسلوب شغل منظم من ألمانيا.

خلاصة

العودة من أوروبا لسوريا مو قرار سهل، وبتختلف من شخص للتاني. في ناس مع الفكرة وفي ناس ضدها، لأنه الأمور لسه مو واضحة، والوضع العام فيه تحديات. بس من ناحيتي الشخصية، أنا بشجّع كل حدا عنده القدرة يرجع، خصوصي إذا ما عنده مشاكل مادية، وعنده مصلحة أو خبرة بيقدر يشتغل فيها ويعمر بلده.

اللي عنده أهل كبار بالعمر، أو حابب يضل جنبهم ويكسب رضاهم، هاد بحد ذاته سبب كبير للرجعة. بلدنا رغم كل شي بعدها حلوة، وإذا كل واحد منّا اشتغل بطريقته وساهم ولو بشي بسيط، شوي شوي رح يصير في فرق، ورح ترجع الأمور تتحسن بإذن الله.

العودة من المانيا إلى سوريا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top